في مشهد صادم يتكرر يوما بعد يوم، تتعرض غابات الأركان بجبال أكسيمن، إمسكَين التابعة لجماعة الدراركة، لاعتداء بيئي خطير، يتمثل في الرمي العشوائي لمخلفات البناء وسط مواقع طبيعية يفترض أن تكون ملاذاً بيئياً، لا مكبّاً لنفايات ورشات البناء، فبين طريق أزرارك و طريق الما و طريق العين السخونة، تتناثر أكياس الأسمنت الممزقة، وبقايا الآجر والخرسانة، في مشاهد تشوّه المظهر العام وتدق ناقوس الخطر حول مستقبل واحد من أهم المجالات الغابوية بالمغرب.
غابة الأركان، المصنفة من طرف اليونسكو محميةً حيوية عالمية، لم تسلم من هذا العبث الذي يُمارَس غالباً بعيداً عن أعين السلطات وبلا أدنى احترام للقوانين البيئية أو لحرمة هذه الشجرة المباركة. الصورة لم تعد مجرد تجاوز بسيط، بل اعتداء مباشر على منظومة إيكولوجية كاملة وعلى تراث طبيعي وثقافي لا يقدّر بثمن.
هذه الممارسات لا تدمّر المنظر الطبيعي فقط، بل تهدد التربة، وتخنق الأشجار، وتعرّض التنوع البيولوجي لخسائر لا يمكن إصلاحها. الأخطر أن الأمر يتم في وضح النهار، ما يعكس حالة تراخٍ مزمن في المراقبة، وغياب إجراءات ردعية قوية قادرة على وقف هذا النزيف البيئي.
إن الساكنة المحلية، التي لطالما اعتبرت شجرة الأركان مصدراً للرزق ورمزاً للهوية، تعبّر اليوم عن غضب حقيقي من استمرار هذه الظاهرة، وسط مطالبات ملحّة بتكثيف الدوريات، وتشديد العقوبات على المخالفين، وتوفير نقط رسمية لتجميع مخلفات البناء حتى لا يبقى الجبل والوديان ضحية أولى للفوضى.
من غير المقبول أن تتحول مسالك أكسيمن، إمسكَين، التي تُعد من أجمل الفضاءات الطبيعية بالمنطقة، إلى مزابل إسمنتية تشوه المشهد وتثير الاشمئزاز، المطلوب اليوم ليس فقط حملات تنظيف مؤقتة، بل خطة شاملة تشمل المراقبة، الزجر، التحسيس، ومسؤولية جماعية تحمي ما تبقى من غابات الأركان قبل فوات الأوان.
فهل تتحرك الجهات المسؤولة لوقف هذا النزيف البيئي؟
أم سننتظر إلى أن تتحول الغابة التي يحتفي بها العالم… إلى كومة نفايات يندبها الجميع؟
أكادير: إبراهيم فاضل
