دفاعا عن حق الفنان السوسي في الشغل، فليس الفن سبب الركود التجاري بالجهة

kechtv14 ديسمبر 2025 مشاهدة
دفاعا عن حق الفنان السوسي في الشغل، فليس الفن سبب الركود التجاري بالجهة

في خضم الجدل الذي يتجدد كل سنة مع اقتراب موعد تنظيم مهرجان تيميتار السنوي بجهة سوس ماسة، يطفو على السطح خطاب يربط بين إقامة هذا الحدث الفني والركود الاقتصادي الذي تعيشه مدينة أكادير، وكأن الثقافة ترف يمكن الاستغناء عنه في لحظات الشدة، غير أن هذا الطرح، وإن بدا للوهلة الأولى منطقياً، يغفل جانباً أساسياً من المعادلة، وهو حق الفنان المغربي، وخصوصاً الفنان السوسي، في الاشتغال والعيش من فنه، بعيداً عن منطق تحميل الثقافة مسؤولية اختلالات اقتصادية أعمق وأعقد.
فإذا كان بعض التجار أو المهنيين يسجلون تراجعاً في الحركة التجارية خلال فترات معينة، فإن ذلك لا يمكن أن يتحول إلى مبرر لإيقاف المهرجانات الفنية أو تجفيف الفضاءات الثقافية.
فالاقتصاد المحلي لا يُختزل في قطاع واحد، كما أن الركود، حين يكون قائماً، فهو نتيجة سياسات عمومية واختيارات تدبيرية وسياحية تمتد لسنوات، وليس بسبب بضعة أيام من الموسيقى والفن، وفي المقابل، تشكل المهرجانات، وفي مقدمتها تيميتار ” علامات”، متنفساً حقيقياً لقطاع واسع من الفنانين والتقنيين والعاملين في مجالات الإبداع…، ممن لا يجدون فرصاً منتظمة للاشتغال في ظل هشاشة الوضع الثقافي بالمغرب.
إن مهرجان تيميتار ليس مجرد منصة للفرجة، بل فضاء للاعتراف بالفنان المحلي وإدماجه في الدورة الاقتصادية للمدينة. فالفنان السوسي، الذي يعاني في الغالب من التهميش وضعف الدعم، يجد في هذا الحدث فرصة للظهور، للتسويق لإبداعه، ولتحقيق دخل مشروع من عمل فني راكمه لسنوات. ومن غير المقبول أن يُطالب هذا الفنان بالتضحية بحقه في الشغل بدعوى ظرف اقتصادي عام، في حين لا يُفتح النقاش الجدي حول أسباب تعثر السياحة، أو غياب رؤية واضحة للتنشيط الاقتصاد والفني المحلي طيلة السنة.
ثم إن الثقافة ليست نقيضاً للاقتصاد، بل رافعة من روافعه، فالمدن التي تستثمر في الفن والمهرجانات لا تفعل ذلك عبثاً، بل لإدراكها أن الإشعاع الثقافي عنصر أساسي في الجذب السياحي وفي تحسين صورة المدينة وطنياً ودولياً. والخلل الحقيقي لا يكمن في تنظيم مهرجان من عدمه، بل في غياب عدالة مجالية وثقافية تجعل من هذه التظاهرات جزءاً من استراتيجية تنموية شاملة، لا حدثاً معزولاً يُستدعى فقط عند الحاجة.
إن دفاعي اليوم عن مهرجان تيميتار هو دفاع عن حق الفنان المغربي وبللخصوصي السوسي في العمل، وعن حق المدينة في الحياة الثقافية، وعن فكرة بسيطة مفادها أن معالجة الركود الاقتصادي لا تكون بمحاصرة الفن و الفنانين، بل بإصلاح الاختلالات البنيوية التي جعلت المدينة تعيش موسمية قاتلة، فحين ينتعش الفنان، تنتعش معه الثقافة، وحين تحيا الثقافة، تملك المدينة فرصة حقيقية لاستعادة نبضها المفقود.
أكادير: إبراهيم فاضل

عاجل