تفجّرت موجة غضب واستنكار واسعة في أوساط الرأي العام المحلي والفاعلين البيئيين بمدينة مراكش، عقب تداول شريط مصوّر يوثق عملية يُشتبه في كونها تلويثا مباشرا لمجرى مائي بالمنطقة الصناعية سيدي غانم، عبر تصريف عصارة الأزبال في واد مجاور، في واقعة خطيرة لما تحمله من تداعيات بيئية وصحية جسيمة.
ويظهر الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشاهد صادمة لتدفق سائل داكن يُعتقد أنه عصارة نفايات صلبة، يتم التخلص منه بشكل عشوائي في مجرى مائي قريب من مستودع تابع لشركة مكلفة بتدبير النفايات، في خرق صارخ لمقتضيات القوانين المنظمة لحماية البيئة والموارد المائية.
وحسب متابعين للشأن البيئي، فإن هذا السلوك يشكل خطرا حقيقيا على الفرشة المائية بالمنطقة، وينذر بتداعيات طويلة الأمد على التوازن الإيكولوجي، إضافة إلى تأثيراته المحتملة على صحة الساكنة والأنشطة الفلاحية المحيطة، خاصة في ظل غياب أي مؤشرات لمعالجة هذه العصارة وفق المعايير البيئية المعتمدة.
وعلى إثر تفجر القضية، حلت لجنة مختلطة بعين المكان من أجل معاينة الوضع وتحديد طبيعة المخالفات المرتكبة، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. غير أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، لم تبدّد علامات الاستفهام المثارة، خصوصا في ظل ما اعتبره نشطاء بيئيون غيابا غير مبرر لوكالة الحوض المائي تانسيفت، باعتبارها الجهة الوصية على حماية الملك العمومي المائي.
وفي خضم هذا الجدل، تعالت أصوات جمعوية وحقوقية مطالبة وكيل جلالة الملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش بفتح تحقيق قضائي معمق ومستقل، يرمي إلى الكشف عن جميع الملابسات المحيطة بالواقعة، وتحديد المسؤوليات القانونية، وترتيب الجزاءات الزجرية في حق كل من يثبت تورطه في الجريمة البيئية المكتملة الأركان.
وأكد فاعلون في المجتمع المدني أن حماية البيئة لم تعد خيارا، بل التزاما دستوريا وقانونيا، يستوجب التطبيق الصارم للقانون، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تفاديا لتكرار ممارسات تهدد الموارد الطبيعية وحق المواطنين في بيئة سليمة وآمنة.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات والتدخلات الرسمية المرتقبة، تظل الأنظار موجهة إلى الجهات المختصة، وسط مطالب شعبية بقرارات حازمة تعيد الاعتبار للبيئة، وتصون الثروة المائية من كل أشكال العبث والإهمال.
براهيم افندي





















































