أعادت الفيضانات الاستثنائية التي شهدتها مدينة آسفي خلال الأيام الأخيرة النقاش حول جاهزية المدن المغربية لمواجهة المخاطر الهيدرومناخية، بعدما خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة، وحولت التساقطات المطرية الغزيرة شوارع وأحياء كاملة إلى سيول جارفة في ظرف زمني وجيز.
وفي هذا السياق، اعتبر مركز التنمية لجهة تانسيفت، وهو جمعية ذات منفعة عامة وعضو مراقب في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، أن ما وقع بمدينة آسفي يشكل جرس إنذار حقيقيا يستدعي إعادة التفكير بشكل جذري في سياسات الوقاية والحماية من الفيضانات بالمغرب، بدل الاكتفاء بالتعامل مع هذه الكوارث باعتبارها أحداثا ظرفية أو استثنائية.
وأكد المركز، في موقفه بخصوص هذه الفاجعة، أن الفيضانات الأخيرة لا يمكن إرجاعها إلى غزارة الأمطار وحدها، بل هي نتيجة تراكم مجموعة من العوامل البنيوية، من بينها ضعف شبكات تصريف مياه الأمطار وسوء صيانتها، والتوسع العمراني داخل المجالات الطبيعية للفيضانات، وارتفاع نسبة الأسطح غير المنفذة للمياه، إلى جانب غياب حلول استباقية قائمة على الطبيعة، مثل إعادة تأهيل المجاري المائية وإنشاء مناطق لتوسع الفيضانات والحدائق المائية.
وأوضح أن ما شهدته آسفي يعكس هشاشة عدد من المدن المغربية أمام الظواهر المناخية المتطرفة، في ظل تسارع آثار التغيرات المناخية، مبرزا أن هذه الظواهر باتت أكثر تواترا وحدة، وهو ما يفرض الانتقال من منطق التدخل بعد الكارثة إلى منطق الاستباق والوقاية.
وفي بعده الإنساني، أعرب مركز التنمية لجهة تانسيفت عن خالص تعازيه ومواساته لأسر الضحايا، معلنا في الوقت نفسه عن شروعه في الإعداد لقافلة تضامنية لفائدة المتضررين، في إطار انخراطه المجتمعي والتضامني.
ودعا المركز إلى اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة لمواجهة مخاطر الفيضانات، تقوم على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، ونشر ثقافة التوعية بالمخاطر، وإدماج خرائط مخاطر الفيضانات بشكل فعلي في وثائق التعمير، مع تجنب البناء بالمناطق الأكثر عرضة للخطر، وتحيين مخططات تدبير الأزمات وتفعيل مخطط ORSEC وصندوق الكوارث.
كما شدد على أهمية التنسيق بين مختلف القطاعات المعنية، وتحديث وصيانة شبكات التطهير، والجمع بين الحلول الهندسية التقليدية والحلول القائمة على الطبيعة، إلى جانب إدماج التربية على المخاطر داخل المؤسسات التعليمية والجماعات الترابية، بما يمكن المواطنات والمواطنين من التعامل السليم مع حالات الطوارئ.
واعتبر المركز أن الكوارث المناخية لم تعد مجرد حوادث عرضية، بل مؤشرات واضحة على ضرورة الانتقال نحو مدن مرنة قادرة على التكيف مع التحولات المناخية، مؤكداً أن تدبير المياه لم يعد شأنا تقنيا محضا، بل مشروعا مجتمعيا تشاركيا يستوجب انخراط المخططين والمهندسين والباحثين والمنتخبين والمجتمع المدني والمواطنين.
وختم مركز التنمية لجهة تانسيفت بالتأكيد على أن كارثة آسفي يجب أن تشكل فرصة لاستخلاص الدروس وإعادة ترتيب الأولويات، متسائلا عن مدى قدرة الفاعلين العموميين والجماعيين على تحويل هذه المأساة إلى نقطة انطلاق نحو سياسات وقائية أكثر نجاعة، تحمي المدن والأقاليم والمواطنين من تكرار مثل هذه الفواجع مستقبلا.
فيضانات آسفي تدق ناقوس الخطر… مركز التنمية لجهة تانسيفت يدعو إلى مراجعة شاملة لتدبير مخاطر الفيضانات بالمغرب





















































