اذا كانت اخر الاحصائيات الرسمية تشير بأن الهدر المدرسي وزواج القاصر يندرجان في إطار علاقة تفاعلية تسير في كلا الاتجاهين، فان التصدي للهدر المدرسي، والذي بلغت حوالي 8.5 في المائة خلال الموسم الدراسي الماضي، يتطلب من القائمين على الشأن التعليمي ببلادنا بذل مجهودات كبيرة من أجل استقطاب التلاميذ والاحتفاظ بهم، وخاصة من خلال توسيع وتجويد العرض التربوي، والتمييز الإيجابي للوسط القروي، وتوفير الدعم البيداغوجي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وتحسين جاذبية المدرسة المغربية، والحد من الاكتظاظ بالفصول الدراسية، مما من شأنه ان يؤدى إلى تحقيق تقليصٍ مطرِد لنسبة الهدر المدرسي بمختلف الأسلاك التعليمية.
وعلى ضوء ذلك فإن النتائج المحققة لا تزال غير مرضية، عسى الصعيد الوطني ،مادامت المؤشرات المسجلة في هذا المجال مقلقة بالنظر للكم الهائل للتلاميذ والتلميذات الذين ينقطعون سنويا عن الدراسة، خاصة في السلكين الابتدائي، والإعدادي، وما يترتب عن كل ذلك من هدر للرأسمال البشري الذي نحن في أمس الحاجة إليه لكسب رهان التنمية الشاملة وتقوية قدراتنا التنافسية في المجال التنموي، مما يتطلب تضافر جهود الجميع والتعبئة الجماعية للقضاء على هذه الظاهرة.
وفي هذا السياق وانسجام مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش الأخير، والتي شددت على ضرورة توحيد الرؤية وتسريع وتيرة تنزيل النموذج التنموي الجديد، عبرت فعاليات جمعوية وحقوقية، ضمن جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالوسط القروي لإقليم مراكش، عن إشادتها بالنتائج الملموسة التي حققها برنامج الدعم المدرسي الممول من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأكدت هذه الفعاليات ان البرنامج، الذي ينفذ بشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمراكش، أسهم بشكل كبير في تحسين مؤشرات التحصيل الدراسي وتقليص نسب التعثر المدرسي، لاسيما في صفوف التلميذات والتلاميذ المنحدرين من الأوساط القروية الهشة.
وطالبت الجمعيات ذاتها والي جهة مراكش آسفي، السيد رشيد بنشيخي، بتمديد هذا المشروع التربوي الطموح وتعميمه على مختلف الجماعات القروية الفقيرة التي ما تزال تعاني من خصاص في هذا النوع من البرامج البيداغوجية، خصوصا في ظل استمرار ظاهرة الهدر المدرسي، التي تمس بشكل أكبر الفتيات القرويات.
ويذكر ان البرنامج، الذي انطلقت أولى نسخه يوم الأحد 16 يناير 2022، استفاد منه ازيد من 8000 تلميذة وتلميذ موزعين على 40 مؤسسة ابتدائية بالوسط القروي لمراكش. ويقدم المشروع حصص دعم أسبوعية في مادتي الرياضيات واللغة الفرنسية بمعدل ساعتين لكل مادة، على امتداد الموسم الدراسي.
ويأتي هذا المشروع في إطار برنامج الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، أحد الأوراش النموذجية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والذي يروم تعزيز الكفايات الأساسية للتلاميذ من المستوى الثالث إلى السادس ابتدائي، وتأهيلهم لمواصلة مسارهم الدراسي في ظروف أفضل، عبر تنمية مهاراتهم وتشجيع تفوقهم الدراسي.
كما ساهمت حصص الدعم في استدراك الزمن المدرسي الضائع الناتج عن بعض الإكراهات المجالية والاجتماعية، وكذا الاضطرابات الطارئة التي عرفها قطاع التعليم.
ويستند نجاح هذا البرنامج إلى شراكة مثمرة مع جمعيات متخصصة وذات تجربة، أثبتت نجاعتها من خلال النتائج الإيجابية المسجلة في صفوف الفئات المستهدفة.
اكتشاف المزيد من كِشـ تيفي - Kech TV
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.