تعيش مدينة مراكش على وقع أزمة خانقة في النقل الحضري، حيث باتت حركة المرور الكثيفة والاختناقات اليومية سمة دائمة في شوارعها. ورغم أن الحلول تبدو واضحة ومتاحة، إلا أن المدينة لم تشهد أي تقدم ملموس في هذا المجال، مما يثير تساؤلات حول دور المجلس الجماعي وعجزه عن إدارة الملف، بل وتحمله جزءًا كبيرًا من المسؤولية نتيجة ما يوصف بـالفساد الإداري وسوء التدبير.
إن ما تعانيه مراكش اليوم هو نتيجة غياب رؤية استراتيجية شاملة، وافتقار المجلس الجماعي إلى سياسات فعّالة لتطوير منظومة النقل العمومي. فبدلًا من الاستثمار في مشاريع تخدم سكان المدينة، تتكرر شكاوى المواطنين من غياب الشفافية، وتوجيه الموارد نحو مصالح ضيقة أو مشاريع مؤقتة لا تلبي احتياجات المراكشيين الأساسية.
في وقت تواجه فيه المدينة اختناقات مرورية يومية، غابت أي مشاريع جدية لتطوير أنظمة نقل حديثة مثل الترامواي أو الباصواي، رغم نجاحها في مدن مغربية أخرى مثل الدار البيضاء والرباط.
أما الحافلات العمومية الحالية لا تفي بالغرض؛ فهي تعاني من سوء الصيانة ومتهالكة ومازالت في الخدمة بالرغم من انتهاء عقدة الشركة المستغلة للقطاع والمجلس الجماعي ما يسبب تأخر الحافلات وكثرة الأعطاب و تشويه سمعة المدينة الحمراء أمام الزوار الأجانب، وهذا يدفع السكان إلى الاعتماد على سياراتهم الخاصة أو الدراجات النارية.
وتتجه أغلب مشاريع المجلس الجماعي إلى التركيز على مشاريع سياحية أو تجميلية قصيرة الأمد، بدلًا من الاستثمار في بنية تحتية مستدامة تخدم السكان المحليين أولاً.
وأصبحت اتهامات الفساد الإداري تطال المجلس الجماعي بشكل مباشر، مع ظهور شبهات حول تبديد الموارد العمومية، وإسناد الصفقات العمومية لشركات دون مراعاة معايير الكفاءة والجودة. هذا الفساد يؤدي إلى تنفيذ مشاريع بنوعية رديئة، وإهدار الوقت والمال، في حين تظل المشاكل الحقيقية مثل النقل والبنية التحتية خارج دائرة الاهتمام.
إرهاق يومي للمواطنين بسبب قضاء ساعات طويلة في التنقل وتعطيل حياتهم المهنية والاجتماعية. إضافة إلى ارتفاع انبعاثات السيارات بسبب الزحام وتدهور البيئة. دون اغفال الجانب الاقتصادي بحيث أن ارتفاع كلفة التنقل تزيد من أعباء الأسر، خاصة مع غياب بدائل فعالة .
ولمعالجة أزمة النقل في مراكش يلزم تغييرًا جذريًا في أسلوب إدارة المدينة وإرادة سياسية حقيقية ومحاسبة شفافة.
ولتحقيق ذلك يستوجب إيفاد لجن لمراقبة ومراجعة ميزانيات المجلس وضمان توجيهها نحو مشاريع استراتيجية تخدم النقل العمومي والبنية التحتية بمراكش، ومحاسبة المسؤولين عن الإخفاقات وسوء التدبير.