بعد سنة على فاجعة زلزال الحوز..المركز المغربي لحقوق الإنسان بإقليم شيشاوة يقيم الأحداث

Boubker BAROUD8 سبتمبر 2024 مشاهدة
بعد سنة على فاجعة زلزال الحوز..المركز المغربي لحقوق الإنسان بإقليم شيشاوة يقيم الأحداث

كرونولوجيا الأحداث تعيد فتح الذاكرة بإقليم شيشاوة

زلزال الحوز ، فاجعة اغيل، زلزال المغرب، تعددت الأسماء والمسمى واحد، هزة أرضية قوية ضربت المغرب يوم 8 شتنبر على الساعة 23:11 بالتوقيت المحلي، كانت الصدمة قوية على ساكنة مدن و قرى المملكة، فهرع المواطنون مذعورين من هول الصدمة إلى الشوارع والحدائق والساحات العامة.

ومع الساعات الأولى ليوم السبت 9 شتنبر، أعلنت وزارة الداخلية، في أول بلاغ لها، حول الكارثة بأن “هزة أرضية -حدثت- مساء الجمعة، وبلغت قوتها 7 درجات على سلم ريشتر، وحدد مركزها بجماعة إغيل إقليم الحوز ” استنادا إلى المعهد الوطني للجيوفيزياء الذي وصف مديره الزلزال بأنه “حدث استثنائي في المنطقة” وأنه “الاعنف منذ قرن”.

ومباشرة بعد هذا الاعلان، قطع ملك المغرب محمد السادس عطلته السنوية التي كان يقضيها في باريس بفرنسا ليعود إلى الرباط معلنا الحداد الوطني وتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام حدادا على أرواح الضحايا.

تفاصيل الكارثة:

ليلة الجمعة 8 شتنبر 2023 ستبقى منحوثة في ذاكرة المغاربة قاطبة، فبينما كان سكان المدن والقرى يقضون ليلة عادية في البيوت والاسواق والمقاهي و المطاعم، اهتزت الأرض تحت اقدامهم بقوة، ليعرفوا أنه الزلزال، لكن لا أحد استطاع أن يعرف مركز الهزة ومدى خطورتها أو حجم الأضرار والخسائر، حتى صبيحة اليوم الموالي ، السبت 9 شتنبر ،حيث أعلنت وزارة الداخلية أن مركز الهزة هو قرية إغيل بجماعة الحوز، واعلنت كحصيلة أولية عن وفاة 296 شخصا و 153 مصابا بالأقاليم المتضررة: الحوز، أزيلال، تارودانت، ورزازات، شيشاوة و مراكش.

وعلى الفور ترأس عاهل البلاد اجتماعا طارئا مع السلطات الحكومية وقيادات القوات المسلحة الملكية والأجهزة الأمنية ودعت وزارة الداخلية المواطنين والمواطنات إلى التحلي بالهدوء وتجنب الذعر .

وعقب هذا الاجتماع أعلن المغرب الحداد الوطني وتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام وإقامة صلاة الغائب وتشكيل لجنة وزارية لوضع برنامج استعجالي للتكفل بضحايا الزلزال، من حيث العلاج والتغذية والايواء وتم فتح حساب خاص لدى الخزينة العامة وبنك المغرب لجمع التبرعات من المواطنين والفاعلين العموميين والخواص.

تلاحم الملك والشعب:

يوم الثلاثاء 12 شتنبر قام الملك محمد السادس نصره الله بزيارة تفقدية للمصابين ضحايا الزلزال نزلاء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، وفي تعبير عن العطف والتضامن المولويين الساميين، تبرع جلالته بدمه للمصابين، وأمر بالتكفل بباقي الجرحى في المستشفيين الميدانيين بكل من اسني وتانفكولت، قبل أن تقيم القوات المسلحة الملكية مستشفيين اضافيين بكل من مجاط بشيشاوة وايغرم بتارودانت.

التضامن الشعبي والمجتمعي:

اشعلت صور صاحب الجلالة وهو يتبرع بدمه لأبنائه المصابين، مشاعر التضامن لدى المغاربة كافة، وحركت فيهم الشعور بالوحدة والوطنية الحقة، فانطلقت جحافل القوافل التضامنية نحو المناطق المتضررة، تحتوي على كل ما جاد به الكرم المغربي من أغطية وافرشة وخيام وأدوية وكل ما يمكن أن يخفف من وطأة الكارثة.

وموازاة مع ذلك استمرت وزارة الداخلية في الإعلان عن حصيلة الضحايا، ففي يوم الأربعاء 13 شتنبر كشفت عن وفاة 2946 شخصا وجرح 5674 بسبب الهزة، وبعد ذلك سيعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة في 27 شتنبر 2023 عن ارتفاع حصيلة القتلى إلى 2960.

إقليم شيشاوة: ملامح الكارثة وجهود السلطات والمجتمع المدني.

وبجماعة اداسيل، دائرة مجاط، عاشت ساكنة الدواوير الجبلية لحظات ذعر ستبقى راسخة في الذاكرة ، ففي دوار تيكخت لوحده دفن 80 شخصا تحت الانقاض وسويت منازل الدوار تماما بالأرض، ولم يختلف كثيرا حال باقي دواوير الجماعات الأخرى مثل اسيف المال وامين الدونيت وايت حدو يوسف وللا عزيزة وامزوضة والزاوية النحلية، وحتى الجماعات البعيدة نسبيا عرفت خسائر في الممتلكات والارواح.

ومما زاد الوضع تعقيدا وعورة التضاريس والانهيارات الجبلية التي وقعت ليلة الزلزال وتسببت في قطع المسالك الطرقية واخرت وصول فرق الانقاذ إلى المناطق المنكوبة، ومنها دواوير: وانزيض ،دوار امسكرداد، دوار سكرات، دوار ايت الحسن، دوار تالبورت، دوار تيمسكرت، دوار توك الخير، دوار إيوولا، دوار إكنتار، دوار تماروت، دوار إيمر ن سوق، دوار تابيا، دوار تادارت،دوار الحد نايتموسا، دوار لالة عزيزة،ايت واكريان،إيغزر وارك،أدوز، دواوير تاسلي، تلموضعت،اسكيس،تنسماخت،أستيف،تكنيت، تمطضيت،ونشكرير،أضرضور ،تاجلات،إرزي،أيت محند،أملان،إكيس،أكرسفن،تنرغات،زويت، مسداد،أسيف الحلو، ركتو،إغلمين،الوس،تركة، أيت زملال،أيت بحمو، أكادير ،الخميس فنسو،اوزاكاج، تاسا،متيلي،مضلوص،واونسوت، تلات نتنغ ، دوار وانزيض،دوار امسكرداد، دوار سكرات،دوار ايت الحسن، دوار تالبورت،دوار تيمسكرت،دوار توك لخير،دوار إيوولا،دوار إكنتار،دوار تماروت،دوار إيمر ن سوق،دوار تابيا، دوار تادارت،دوار الحد نايتموسا،دوار لالة عزيزة،ايت واكريان،إيغزر وارك،أدوز،الزاوية النحيلة،دوار اضر ضور،دوار تلكجونت.

عامل إقليم شيشاوة وتدبير الكارثة:

ليلة وقوع الكارثة كان عامل إقليم شيشاوة بوعبيد الكراب لازال يقضي عطلته السنوية بمدينة الرباط، وهو الخبير بجغرافية وتضاريس المناطق المنكوبة بحكم جولاته المكوكية في هذه المناطق لتتبع المشاريع التنموية واوراش تأهيل البنيات التحتية، وهو ما سيشكل نقطة قوة لدى هذا المسؤول الترابي خلال تدبير الكارثة.

فور تلقيه الخبر ، سارع العامل للرجوع إلى الإقليم وكان أول مسؤول ترابي يحل بالمنطقة المنكوبة بجماعة اداسيل، ويتخذ من قيادة اداسيل مقرا لخلية تدبير الكارثة ، حيث أمر لتسخير كافة الإمكانات والموارد المتاحة لفتح الطرق والمسالك المقطوعة للوصول إلى المناطق المنكوبة لانقاذ المحاصرين تحت الانقاض ولانتشال جثت الضحايا والتعجيل بدفنهم واسعاف الجرحى ونقلهم نحو المراكز الاستشفائية مما أسفر في ظرف قياسي عن فتح 14 مسلكا طرقيا ما بين مصنف وغير مصنف، وفي الوقت نفسه أمر عامل الإقليم في إطار التدبير الشمولي للأزمة ، بايصال المساعدات الإنسانية وايواء المتضررين عبر قوافل مؤسسة محمد الخامس للتضامن بعد تحويل دار الطالبة بمركز جماعة اداسيل إلى مستودع للمواد الغذائية والخيام والافرشة والاغطية والأدوية، وإعادة ربط الدواوير المتضررة بالماء والكهرباء.

ووجد عامل إقليم شيشاوة نفسه أمام تحد من نوع آخر ، وهو تنظيم اسراب القوافل التضامنية التي حلت بالمنطقة من مختلف مدن واقاليم المملكة، وتحديد مساراتها ومناطق الاستهداف دون افراط ولا تفريط، مع ضرورة الحفاظ على انسيابية حركة السير في ظل اكراهات وعورة الطرق وازداحم بعض النقط، وكل ذلك تم بتنسيق تام بين السلطات الإقليمية والمحلية والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة الملكية ومختلف المصالح الخارجية والقطاعات الحكومية من جهة والفاعلين المدنيين والمحسنين المسيرين القوافل التضامنية من جهة أخرى ، فكانت المرحلة الأولى من هذه المساعدات تهدف إلى الايصال المباشر للمساعدات حتى تم تحقيق الاشباع، ثم المرور إلى المرحلة الثانية التي همت تجميع المواد الغذائية الأساسية والافرشة والاغطية والخيام في مستودعات تحت إشراف دقيق ومباشر من مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

ورغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها المنطقة، فإن عامل إقليم شيشاوة وبتنسيق محكم مع مديرية وزارة التربية الوطنية لم يستسغ هدر الزمن المدرسي لتلاميذ وتلميذات جماعة اداسيل ، فامر بتوفير وسائل النقل المدرسي وتنقيل جميع أبناء جماعة اداسيل الذين كانوا يتلقون تعليمهم باعدادية اداسيل نحو إعدادية اسيف المال وتوفير الايواء والاطعام لهم جميعا في عين المكان ، وهي خطوة ساهمت بشكل ايجابي وفعال في دعم أطفال اداسيل نفسيا بفضل ابعادهم عن بؤرة الكارثة ودمجهم في الحياة المدرسية بشكل ينسيهم هول الفاجعة وفقدان الأهل والاقارب.

عامل إقليم شيشاوة وجهود احصاء الأضرار وإعادة الاعمار:

تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، الرامية إلى اعادة اعمار المناطق المنكوبة، أعطى عامل إقليم شيشاوة أوامره لإحصاء منازل الأسر المتضررة من زلزال الحوز،

وحسب المعطيات المتوفرة، فإن عملية الإحصاء استهدفت حوالي 754 دوارا بالإقليم، تقطن فيها أسر يتراوح عددها بين 45 ألف و 50 ألف أسرة، داخل أكثر من 9000 مسكن.

ومنذ 18 شتنبر 2023 تشكلت لجان لهذا الغرض، قامت بإحصاء الأسر المعنية على مستوى جميع الجماعات التي تضررت من زلزال الحوز وذلك في إطار البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الزلزال.

وتكلفت لجان محلية وتقنية بعملية إحصاء المباني المتضررة، بهدف تقييم الأضرار الناجمة عن الزلزال بالدواوير التي تأثرت بالكارثة، وانصب عملها على تحديد ما إذا كان الضرر يستوجب الهدم الكلي أو الجزئي للبناية، أم أن الأمر يتعلق بالإصلاح والتدعيم، إلى جانب معطيات أخرى مضمنة باستمارات تم ملؤها من طرف هذه اللجان.

وعبرت الساكنة المحلية عن ارتياحها لهذه العملية التي تندرج في إطار التدابير المتخذة للتخفيف من آثار زلزال الحوز ومساعدة السكان على التغلب على الأضرار التي لحقت بالبنايات، استجابة للدعوة الملكية السامية لإعادة الاعمار على أساس دفتر التحملات وبإشراف تقني وهندسي بانسجام تام مع تراث المناطق المتضررة واحترام لخصائصها المعمارية.

ولما اعتبرت جماعة أداسيل، بدائرة مجاط، أكثر الجماعات تضررا من الزلزال بإقليم شيشاوة، لقربها من مركز الهزة الأرضية باغيل، تم إعطاء انطلاقة عملية الإحصاء فيها بدوار مجديد، من طرف لجنة تتكون من ممثلي السلطة المحلية والمصالح الجماعية، وقسم التعمير بعمالة شيشاوة، والوكالة الحضرية بمراكش، وأحد المختبرات المتخصصة، والدرك الملكي.

ويأتي البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الزلزال، الذي كان موضوع تعليمات ملكية سامية، امتدادا للتدابير التي أمر بها جلالة الملك محمد السادس والهادفة إلى تعبئة كافة الوسائل بالسرعة والنجاعة اللازمتين من أجل تقديم المساعدة للأسر والمواطنين المتضررين، خصوصا من أجل تنفيذ التدابير المتعلقة بإعادة التأهيل والبناء في المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية ذات الآثار غير المسبوقة، في أقرب الآجال والتي رصد لها غلاف مالي يقدر ب 120 مليار درهم.

وباقليم شيشاوة دائما، استفادت 90% من الساكنة المتضررة من دعم مالي شهري قيمته 2500 درهم وتعويض عن الانهيار الجزئي ب 80000 درهم و الانهيار الكلي ب 140000 درهم، وفي تنسيق تام بين السلطات ومكاتب الهندسة والدراسات والمختبرات، انطلقت أشغال إزالة الركام واعادة بناء المنازل المنهارة بمختلف دواوير الجماعات الترابية المتضررة ، في إطار احترام التصاميم وتراخيص البناء حيث وصلت الاوراش المفتوحة في بعض الدواوير إلى نسبة 100% وفي أخرى وصلت الى ما بين 50 و60 و 95%.

تحديات وصعوبات اعادة الاعمار:

في محاولات السلطات الإقليمية بشيشاوة اعادة اعمار المناطق المنكوبة اصطدمت جهودها بعدة عراقيل طبيعية لوجستية وبشرية، تمثلت في الخصوصية التضاريسية للجماعات الجبلية التي تتميز بوعورة مسالكها وصعوبة وصول الاليات والجرافات إلى دواويرها لإزالة الركام واعادة بناء المنازل ، وكذلك ايصال السلع ومواد البناء التي ارتفعت اسعارها بشكل ملحوظ لتزايد الطلب عليها، كما تم تسجيل تأخر بعض المستفيدين من التعويض المالي في هدم المنازل المتضررة للأسباب المذكورة سلفا، ومطالبة بعضهم بتكفل السلطات العمومية بإزالة الركام، وهو ما كان بالفعل.

إضافة إلى ذلك، واجهت الاوراش المفتوحة نقصا في اليد العاملة التقنية والفنية المتخصصة في أشغال البناء والتشطيب.

أمام هذا الوضع، ويفضل عامل الحضور المكثف والمستمر لعامل الإقليم بالمناطق المنكوبة، والتنسيق اليومي بين مختلف المتدخلين في عمليات إعادة الاعمار، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتجاوز الصعوبات، عبر تبسيط المساطر وتقريب الخدمات الإدارية من المتضررين وتسهيل تمكينهم من التصاميم والرخص وتسريع استفادتهم من المساعدات المالية المخصصة لإعادة البناء بانتظام، وتسهيل عمليات إنتاج وبيع مواد البناء في عين المكان للتغلب على اكراهات النقل ومراقبة الأسعار ،كل ذلك لاقى استحسان الساكنة ومختلف المهتمين بالشأن المحلي.

بعد مرور سنة على الكارثة:

بعد انقضاء سنة على فاجعة زلزال الحوز ،ورغم التكلفة الاقتصادية التي تقدر بنحو 0,24% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب لعام 2023، اخذت اثاره بالتلاشي بجماعات إقليم شيشاوة خصوصاً ، بفضل الجهود المستمرة للسلطات العمومية، والتتبع الصارم لاوراش اعادة الاعمار، وتنفيذ البرنامج الاستعجالي المتكامل الذي وضعه صاحب الجلالة الرامي إلى إعادة إدماج الساكنة المتضررة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بإعادة تأهيل البنى التحتية واحداث الطرق والمراكز الصحية وتعزيز الخدمات العامة وتقريبها من الساكنة وتوفير فرص العمل بتعويض قطعان الماشية وتوفير الاعلاف بالمجان واعادة بناء الكيلومترات من السواقي المتضررة، والتمويل غير المشروط للمشاريع الاقتصادية التي تقترحها الجمعيات والتعاونيات المحلية لخلق فرص شغل قارة وتثمين المنتوجات المحلية، كما اهتم البرنامج بإعادة بناء وتجهيز المؤسسات التعليمية والأقسام الداخلية ودور الطالب والطالبة والمراكز الصحية للنهوض بأوضاع الساكنة وتحسين ظروف عيشها.
،

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق