أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب تمثل ساحةً جديدة للظهور والشهرة، حيث نشهد صعود شخصيات غالبًا ما تُعتبر تافهة أو غير موهوبة، لكنها تتمكن من تحقيق شعبية واسعة. هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول القيم والمعايير التي نعتبرها مهمة في مجتمعنا.
إن أحد الأسباب الرئيسية وراء بروز هؤلاء الأفراد هو غياب معايير صارمة للنجاح. في السابق، كانت الشهرة مرتبطة بالموهبة أو الإنجازات الحقيقية، أما اليوم، فإن أي شخص يمكنه أن يصبح مؤثرًا بمجرد تقديم محتوى جذاب، حتى وإن كان هذا المحتوى تافهًا. السخرية والفكاهة يمكن أن تجذب الانتباه بسرعة، مما يؤدي إلى زيادة عدد المتابعين والتفاعل، بغض النظر عن قيمة المحتوى المقدم.
في هذا السياق، تجسد هذه الظاهرة أيضًا انشغال الجمهور بالترفيه السريع. مع الضغوطات والتحديات اليومية، يبحث الكثيرون عن محتوى يُخفف من ضغوط الحياة، حتى وإن كان ذلك يعني متابعة شخصيات تروج لسلوكيات غير مسؤولة أو سطحية. هذا الأمر يسهل على بعض الأفراد الحصول على شهرة مؤقتة، بينما يُهمل المبدعون الحقيقيون الذين يقدمون محتوى هادفًا.
علاوة على ذلك، يمكن أن يكون لتقديس هؤلاء “التافهين” آثار سلبية على ثقافة الشباب وتوجهاتهم. فقد يؤدي ذلك إلى تبني قيم سطحية وتعزيز سلوكيات غير بناءة، مما يؤثر على مستقبل الأجيال القادمة. من المهم أن نفكر في العواقب التي قد تنتج عن هذا الانجراف نحو التسلية السطحية.
مع ذلك، لا يمكن تجاهل وجود شخصيات مغربية تقدم محتوى ذو قيمة ومعرفة، لكنها غالبًا ما تواجه صعوبة في كسب نفس القدر من الشهرة. هذا الوضع يتطلب دعمًا وتشجيعًا للمبدعين الذين يسعون إلى تقديم محتوى هادف وملهم. يجب على المجتمع المغربي إعادة التفكير في معايير النجاح والشهرة. من المهم أن نشجع على المحتوى الذي يثري الفكر وينمي الثقافة، بدلًا من منح الأولوية للمحتوى التافه الذي لا يقدم شيئًا. بالاستثمار في التعليم والتثقيف، يمكننا أن نضمن مستقبلًا أفضل، حيث تُحتفى المواهب الحقيقية ويُعطى الأولوية للمعرفة والابتكار.