وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع المنارة مراكش – شكاية إلى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تطالب فيها بفتح تحقيق شامل حول التجاوزات التي شابت مشروع الغالي للسكن الاقتصادي والاجتماعي. المشروع الذي بدأ في عام 2017، ويدعمه برنامج الدولة لتوفير السكن الاقتصادي، كان من المفترض أن يوفر شققاً بتكلفة منخفضة للمواطنين، ولكنه أصبح مصدر معاناة لعدد كبير من المستفيدين.
انطلق المشروع بستة أشطر، وتم تسليم الشطر الأول في عام 2020 وسط انتقادات كثيرة للخروقات التي رافقت العملية. لكن الأشطر الأخرى تواجه تأخيرات كبيرة، حيث لم تبدأ الأشغال في الشطر السادس، فيما توقفت تماماً في الشطرين الثاني والرابع منذ ما يقارب ثلاث سنوات. في حين بلغ الشطران الثالث والخامس مراحل شبه نهائية قبل أن تتوقف الأعمال بشكل مفاجئ. هذا الوضع تسبب في حرمان 630 مستفيداً من حقهم في السكن، مع وجود فئة كبيرة منهم تعيش أوضاعاً اجتماعية هشة.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تتابع الملف منذ 2020، سجلت عدة شكاوى متعلقة بتجاوزات المطور العقاري المكلف بالمشروع، من بينها تكرار بيع نفس الشقة لأكثر من مستفيد، إرغام بعض المواطنين على التنازل عن شققهم دون تعويضهم، وفرض مبالغ مالية إضافية لم تذكر في العقود الأصلية. كما تحدث المتضررون عن إجبارهم على توقيع عقود مع شركة تجهيز مملوكة لشقيق المطور العقاري، على الرغم من أن الأشغال الكبرى للمشروع لم تكتمل بعد.
وأفاد بعض المستفيدين أنهم دفعوا مبالغ مالية تتراوح بين 140 ألف درهم و350 ألف درهم، وهو ما يفوق المبالغ المتفق عليها لشقق السكن الاقتصادي. ومع ذلك، لم يتسلموا أي وثائق رسمية تثبت حقوقهم أو تحدد أرقام شققهم، مما يثير تساؤلات حول مصير الأموال المدفوعة واستغلالها في غير الأغراض المخصصة لها.
ورغم التزام الجمعية بمتابعة الملف والتواصل مع الجهات المعنية، إلا أن الصمت المريب الذي تواجه به السلطات هذه القضية يعزز شعور المستفيدين بالخذلان، ويدفعهم نحو معاناة إضافية بسبب غياب الحسم القانوني والإداري. الجمعية طالبت بضرورة فتح تحقيق قضائي في مزاعم النصب والاحتيال والغدر المرتبطة بهذا المشروع، مع الدعوة إلى تتبع أثر الدفوعات المالية، وإلزام المطور العقاري بالوفاء بالتزاماته تجاه المستفيدين.
وأكدت الجمعية أن الحق في السكن اللائق هو حق أصيل منصوص عليه في المواثيق الدولية، ويتعين على الدولة ضمان تحقيقه وحمايته من أي استغلال. كما دعت إلى مراقبة صارمة للدعم المالي الذي تمنحه الدولة لمشاريع السكن الاجتماعي لضمان صرفه في الأوجه المحددة له.
هذه القضية تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تعزيز الرقابة على القطاع العقاري ومحاسبة المخالفين لضمان حماية حقوق المواطنين ومنع استغلال حاجتهم إلى السكن. الجمعية ناشدت السلطات القضائية بالتصدي لكل أشكال التلاعب التي تلحق الضرر بالمواطنين، مع التأكيد على ضرورة احترام القانون وحماية المال العام من أي استغلال غير مشروع.