في الوقت الذي يحتفي فيه العالم في 18 أبريل من كل عام بيوم التراث العالمي، تعيش مدينة مراكش أوضاعاً مقلقة تهدد مكانتها التاريخية والحضارية، بسبب تداعيات زلزال شتنبر الماضي وتفاقم الإهمال وغياب رؤية واضحة لحماية المعالم التاريخية، بحسب ما أكدته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة في بيان لها بهذه المناسبة.
واستحضرت الجمعية، في بيانها، مبادئ المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية (ICOMOS)، ولا سيما ما يهم حفظ واستدامة التراث الثقافي. وسجلت مجموعة من الانتهاكات في تدبير التراث بمدينة مراكش، سواء قبل الزلزال أو بعده، مشيرة إلى أن المدينة تعرضت لتدهور بيئي غير مسبوق، من قبيل اقتلاع الأشجار وإهمال الفضاءات الخضراء، ما أدى إلى تراجع نسبة الأوكسجين بما يقارب 60%.
كما تطرقت الجمعية إلى فشل مشاريع الترميم، التي تم تنفيذها بأسلوب مقاولاتي بعيد عن المعايير العلمية المعتمدة دولياً، وهو ما تسبب في انهيارات متكررة في عدة مواقع، مثل مسجد مولاي اليزيد ومسجد خربوش، إضافة إلى الأضرار البليغة التي لحقت المسجد الكبير بباب دكالة ومسجد وضريح مولاي علي الشريف، وصوامع عدد من المساجد العتيقة التي لا تزال مهددة.
ولم يسلم السور التاريخي للمدينة من هذه التدهورات، حيث تآكلت أجزاء منه رغم خضوعه للترميم أكثر من مرة. كما يشير البيان إلى الإهمال الذي يطال معالم أخرى كضريح يوسف بن تاشفين وحدائق أكدال باحماد، وغياب اللوحات التعريفية التي تسهم في توعية الزوار بتاريخ هذه الأماكن وأهميتها.
وأبرز البيان كذلك العشوائية التي تطغى على عمليات الترميم، كما حدث بقصر الباهية، حيث تم استبدال الترميم بالتجديد، ما أفقده جزءاً من قيمته التاريخية. أما ساحة جامع الفنا، المصنفة كتراث شفهي لا مادي منذ سنة 2001، فتعاني من تراجع كبير في طابعها التراثي، خاصة بعد تحويل جزء كبير منها إلى مطاعم على حساب الفضاء التراثي المخصص للحلقات والفنون الشعبية.
وفي ظل استمرار انهيار المنازل بالمدينة العتيقة قبل الزلزال وبعده، دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى تبني سياسة موحدة لتدبير وتثمين التراث المادي واللامادي، مع ضرورة تقليص عدد المتدخلين والانفتاح على البحث العلمي والمنظمات غير الحكومية. كما طالبت بالكشف عن مصير الأموال العمومية التي رُصدت لبرامج تأهيل المدينة العتيقة ومراكش “حاضرة متجددة”، محذرة من استمرار تهميش الذاكرة التاريخية والثقافية للمدينة.
وختم البيان بدعوة السلطات المعنية إلى التدخل العاجل لإنقاذ مراكش من النزيف البيئي والعمراني الذي تعيشه، محملين الجهات الوصية مسؤولية ما آلت إليه المدينة من فوضى مرورية وارتجال في التخطيط الحضري، ما أثر سلباً على وضعية تراثها التاريخي والإنساني.