عبد الجبار بوعودي
في الوقت الذي تسعى فيه الجمعيات والمؤسسات المدنية إلى لعب دور ريادي في خدمة المجتمع، تطفو على السطح ممارسات تهدد مبادئ الشفافية والعدالة، وعلى رأسها ظاهرة “تشغيل الأقارب” في ظل غياب آليات رقابة فعالة. هذه الظاهرة، التي تتقاطع مع مفهوم التنافي، تحول بعض الجمعيات من فضاء للعمل التطوعي والخدمة العامة إلى ساحة للمحاباة والمصالح الشخصية.
ويتجلى التنافي في وجود علاقة أو مصلحة قد تؤثر على استقلالية القرار داخل المؤسسة. بحيث عندما يعين أحد أفراد العائلة في منصب داخل الجمعية تحت إشراف قريب له، يصبح من الصعب الفصل بين الاعتبارات العائلية والمهنية، وهو ما يقوض من مصداقية المؤسسة أمام المانحين والمستفيدين على حد سواء.
ما يساهم في تحويل الجمعيات إلى “مؤسسات عائلية” مغلقة، وفرض عدد محدود من الأشخاص السيطرة على مفاصل القرار، ويوظف الأقارب او العائلات بشكل لا يخضع لمبدأ الكفاءة، بل للقرابة والنفوذ. هذا الوضع لا يقصي الكفاءات فقط، بل يضر بصورة القطاع الجمعوي ككل، ويضعف الثقة فيه.
ومن جهتها دقت عدة جهات مدنية وحقوقية ناقوس الخطر، مطالبة بوضع ضوابط قانونية أكثر صرامة تجرم تضارب المصالح داخل الجمعيات، وتلزمها بالإفصاح عن علاقات التوظيف العائلية. كما تدعو إلى تعزيز الرقابة الداخلية والخارجية، وربط التمويلات بالشفافية الإدارية.
إن تعزيز ثقة المواطن في العمل الجمعوي يبدأ من الداخل: من نزاهة التسيير، ومن الفصل التام بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة. فبقدر ما تكون الجمعيات مستقلة وخاضعة للمحاسبة، بقدر ما تستطيع أداء رسالتها بفعالية وشفافية.
اكتشاف المزيد من كِشـ تيفي - Kech TV
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.