أطلقت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية نارسا حملة ميدانية جديدة تستهدف مراقبة السرعة القصوى للدراجات النارية من فئة السيكلوموتور، مستخدمة جهازا جديدا لقياس سرعة الدراجة النارية.
ووفق المعطيات الرسمية فتعتبر الدراجة مطابقة إذا لم تتجاوز 50 كلم/س مع هامش تقني قدره 7 كلم/س، بينما تصنف غير مطابقة إذا تعدت 58 كلم/س، ما يفتح الباب أمام الحجز وتحرير محضر يحال مباشرة على النيابة العامة. القانون المؤطر ليس جديدا بل يرتبط بمقتضيات مدونة السير 52.05 التي تجرم تغيير خصائص المركبة دون المصادقة التقنية، وتترتب عقوبات تصل إلى 30 ألف درهم وغرامات حبسية في حال العود، غير أن المسطرة الميدانية الجديدة أعادت النقاش إلى الواجهة بعدما طبقت بشكل مباشر وصارم على آلاف من مالكي الدراجات الشعبية.

وبحسب صور وفيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم الفحص الميداني بإلزام السائق بالجلوس على الدراجة والإمساك بالمقود مع إبقاء العجلات ملامسة للأرض، ثم ضغط دواسة وقود الدراجة إلى أقصى سرعة ممكنة لتسجيل الحد النهائي. ويعتبر تجاوز 58 كلم/س دليلا على تعديل غير قانوني كإزالة محدد السرعة أو تغيير قطع المحرك.
وأثار هذا الإجراء موجة غضب واسعة في الشارع العام بجميع مدن المملكة، حيث ظهرت دعوات إلى مقاطعة التنقل والبقاء في المنازل، وذلك للتعبير عن رفض الفئات الشعبية الهشة لتحميلها كلفة الإصلاح والحجز والغرامات.
واعتبرت أصوات أصحاب الدراجات المحجوزة أن الحملة تستهدف طبقة مجتمعية فقيرة، يعتمد عليها الطلبة والعمال والمهنيون، في وقت لا تطبق فيه الصرامة نفسها على سلوكات متهورة أو تعديلات صاخبة في سيارات ومركبات أخرى.
من جهة، وجهت انتقادات كثيرة للحملة، أولها غياب التواصل المؤسسي، إذ لم تنشر مذكرة رسمية واضحة على الجريدة الرسمية تشرح تفاصيل المسطرة القانونية، مما فتح الباب للتأويل والبلبلة. كما أن الدولة لم تمنح المواطنين فترة انتقالية لتصحيح وضعية دراجاتهم قبل فرض العقوبات الثقيلة، وهو ما جعل الكلفة الاجتماعية باهظة على الفئات الهشة.
ومن جهة أخرى، عمق التركيز المبالغ فيه على الدراجات النارية الشعبية مقابل غياب الصرامة مع فئات نافذة شعور الكيل بمكيالين، بينما يثير بروتوكول الفحص أسئلة قانونية حول السلامة أثناء القياس والإلزام بالجلوس على الدراجة النارية، ومسؤولية الأعوان عند وقوع أي ضرر لكلا الأطراف.
وبحسب معطيات فإن الحملة تهدف إلى الحد من وفيات الدراجات النارية التي تصل الى 40٪. لكن الوسيلة لا تقل أهمية عن الغاية، بحيث أن التنزيل الغير المواكب اجتماعيا ولا مؤطر تنظيميا بوضوح قد يؤدي إلى أزمة ثقة تقوض الالتزام الطوعي بالقانون. كان من المفروض اتباع مرافقة اجتماعية ما سيجعل الامتثال ممكنا لعموم المواطنين، لا سيما الفئات التي لا تملك ترف الاستغناء عن دراجتها ولو ليوم واحد.
اكتشاف المزيد من كِشـ تيفي - Kech TV
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.