شهد المستشفى الجهوي ببني ملال وفاة 21 شخصاً، منها، وحسب بلاغ المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية ببني ملال، فقد توفي 4 أشخاص خارج أسوار المستشفى، فيما ذكر بأن 17 حالة وفاة استشفائية كانت من داخل المستشفى، غالبيتهم أشخاص يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن حسب ذات البلاغ، مرجعا سبب تدهور حالتهم الصحية، المؤدي إلى الوفاة إلى ارتفاع درجة الحرارة.
وقد أثارت الحادثة الأليمة غضباً واسعاً في صفوف المواطنين محليا ووطنيا، بسبب وقوع الوفاة في فضاء استشفائي من المفروض أن تتخذ فيه التدابير الاحترازية لحماية المرضى من المخاطر المؤدية إلى الوفاة، كما أن تبرير وفاة المرضى داخل المستشفى الجهوي ببني ملال بسبب ارتفاع الحرارة كلام غير دقيق، لأنه يمكن القبول بوفاة مواطنين بسبب ارتفاع درجة الحرارة في منازلهم وفي أماكن أخرى ما عدا في المستشفيات، التي من المفروض أن تتوفر على أنظمة حماية من ارتفاع درجة الحرارة، وخصوصا نظام تبريد مركزي فعال، يستمد طاقته من موارد مختلفة (طاقة كهربائية وألواح شمسية وطاقة احتراقية).
وبناءً على المعطيات الأولية التي توصل بها المركز المغربي لحقوق الإنسان، اتضح أن هناك عدة عوامل أسهمت في هذه الكارثة الإنسانية، يمكن اختصارها في العوامل التالية الرئيسية على النحو التالي :
قلة الأكسجين داخل غرف المستعجلات وغياب التهوية حيث تعتبر قلة الأكسجين داخل غرف المستعجلات عاملاً رئيسياً في تفاقم الوضع الصحي للمرضى، مع غياب التهوية الكافية داخل الغرف، مما يجعل الأوضاع داخلها غير صحية ومهددة لحياة المرضى.
الحرارة المفرطة مع غياب نظام تكييف فعال حيث وصلت درجات الحرارة في بني ملال في يوم سقوط الضحايا 21 حوالي 50 درجة مئوية، في ظل غياب نظام تكييف فعال، مما ساهم في تفاقم الوضع الصحي للمرضى.
نقص حاد في الإطار الطبي والتمريضي داخل المستشفى الجهوي حيث يعاني المستشفى الجهوي ببني ملال من نقص حاد في الأطر التمريضية والطبية، مما يعقد مهمة تقديم الرعاية الصحية اللازمة في الوقت المناسب، ويؤثر بشكل كبير على جودة الخدمات المقدمة للمرضى.
إضافة إلى القص الحاد في الأدوية مما يمثل مشكلة كبيرة داخل المستشفى الجهوي ببني ملال، حيث يجد المرضى أنفسهم بدون العلاجات الأساسية اللازمة لتحسين حالتهم الصحية، هذا النقص يعرض حياة المرضى للخطر ويزيد من معدلات الوفيات.
أما الاكتظاظ الدائم فحدث و لا حرج، ما يجعل المستشفى الجهوي ببني ملال يعاني من اكتظاظ بنيوي مزمن، نتيجة ضعف طاقته الاستيعابية، نظير عدد ساكنة الجهة، ما يصعب عملية تقديم الرعاية اللازمة لكل مريض، حيث أن هذا الاكتظاظ يفاقم من مشاكل نقص الأكسجين، والتهوية والأدوية.
كما أن تفشي ظاهرة اللامبالاة تزيد الطين بلة و يشتكي مواطنون بشكل متزايد بسبب نفس الظاهرة من بعض العاملين في المستشفى، كما يتم ترك المتدربين (السطاجير) للتعامل مع حالات مرضية حرجة دون إشراف كافٍ من الأطر الطبية المؤهلة.
و تعتبر هذه العوامل مجتمعة سبب تدهور أداء المستشفى الجهوي ببني ملال، مما أدى إلى فاجعة وفاة 21 مواطن ومواطنة، ولا زال الخطر قائما.
وبناء عليه، يوصي المركز المغربي لحقوق الإنسان بضرورة فتح تحقيق دقيق ونزيه من أجل تقييم الأسباب المباشرة في وفاة المرضى 21، وتحديد أوجه القصور المحتملة، واتخاذ التدابير اللازمة لتجويد أداء المستشفى الجهوي ببني ملال قبل أن يتسبب في مزيد من الوفيات.