يحتضن حي تالبرجت التاريخي فعاليات النسخة الثالثة من تظاهرة تالويكاند، خلال الفترة الممتدة ما بين 23 و 26 يناير 2025 المنظم من طرف جمعية أكادير ميموري التي تصبو من خلال ذلك إلى تأسيس تقاليد فرجوية معاصرة تحاول رصد مختلف التجليات الجديدة للفرجة، وقدرتها على توظيف جل الإمكانات الدرامية والتاريخية والتخييلية والبصرية والجمالية، وتواكب في الوقت ذاته مختلف المقاربات الجديدة في الأداءات الفرجوية المعاصرة بما فيها الطقوس والفرجات الشعبية. واللعب، والرقص وفنون السيرك.
تالويكاند نافذة إبداعية مشرعة على كل مجالات الإبداع والتعبير والأداءات المعاصرة في ارتباطها بتجليات المنعطف المكاني و بأنساق الفرجة في شموليتها ورحابة سياقاتها، و بالذاكرة الجماعية وانبعاثات مدينة تتطلع لحاضر عمراني مشع، وتنمية ثقافية واقتصادية ذات شأن بالغ الأهمية.
زوار اكادير وساكنتها والأوفياء لعشقها يجتمعون باختلافهم وتنوع مشاربهم في فضاءات عمومية تنبض بالحياة وبعبق التاريخ لأجل المشاركة في نسج عوالم فرجوية حية تعد بحق تجليا لكل أشكال الانفتاح والتناسج الثقافي، وباعثا على البناء والتواصل والتماسك، حيث الكل يشارك في صناعة المشهد الفرجوي مؤدين ومتفرجين لتتحقق المصالحة مع الذات والحياة الفعلية عبر فنون مشهدية وعروض فرجوية وعبر تسريد تاريخ مدينة ومسرحة ذاكرتها والرقي بهويتها البصرية والأدائية.
برنامج هذه الدورة، غني ومكثف، توزعت فقراته على فضاءات تعزز العلاقة الجمالية بين الفرجات والفضاء العمومي من قبيل فنون الأداء ومسرح الشارع، والموسيقى، والرقص، والحكاية، وألعاب الخفة، والسيرك، والعروض المتجولة، إضافة إلى ورشات كتابة حرف تيفناغ، كما يتضمن البرنامج أيضا عروضا فرجوية أدائية لإمعشارن مفتوحة في وجه العموم، هذه البرامج والأنشطة تشكل في مجملها زخما فرجويا خصبا لمعاينة تجارب محلية ووطنية للفرجات الحية والأداءات الحديثة في الرقص المعاصر و الكوريغرافيا والفوتوغرافيا والتعبيرات الفنية والتشكيلية.
تتزين فضاءات تلبرجت باستقبال تراث اقليم تارودانت ذات الجذور الثقافية والرمزية الموغلة في العراقة والأصالة والتفرد الأنطولوجي تغطي حيزا جغرافيا متعدد المشارب الجمالية والإنسانية والإثنوغرافيا لسوس العالمة وذلك عبر تنظيم معرض للمنتوجات المجالية طيلة يوميات تالويكاند، تثمينا وصونا للموروث الثقافي اللامادي، و تكريسا للتعدد الثقافي والفني الذي يزخر به البيت الأمازيغي الكبير في امتداداته المجالية وتجلياته الثقافية والهوياتية.
تالويكاند حلم تحول إلى تحقيق فعلي لرؤى جمالية تستند على تعدد اللغات وثراء الفنون المشهدية والحوار والتهجين والتعبيرات الفنية المتنوعة، ورصد ناعم للمنعطفات الفرجوية والمكانية وتحقيقاتها الجمالية في مدينة جميلة يسودها التسامح والتعدد الثقافي والتراثي والاختلاف والاعتراف بالمغايرة.
تالويكاند احتفاء متجدد ومتفرد بالفرجات الحية وعروض الشارع وذاكرة المواقع وخلق فضاءات إبداعية وعروض موسيقية و أوراش تكوينية وثقافية متنوعة وأنماط أدائية معاصرة للفرجات الحية، كما تهدف هذه الورشات الإبداعية إلى تجديد العلاقة الفنية والجمالية بحي تالبرجت كجزء لا يتجزأ من ذاكرة المدينة ونسج تقاليد ثقافية جديدة في التلقي والمشاركة الفاعلة والمنتجة في صناعة الفرجة.
ولا تقف جهود وأفكار ومرجعيات جمعية أكادير ميموري عند هذا الحد بل تتخطاه إلى إغناء ما يجعل من تالبرجت بمتخيلها الرمزي و بأبعادها الجمالية أحد أهم المنارات الثقافية محليا ووطنيا ودوليا، كما تتشرف أكادير ميموري باستضافة أصدقاء وشركاء تجمعهم وإياها قواسم ثقافية مشتركة، ونخص بالذكر “المعهد الفرنسي بأكادير” و”نجوم سوس” و”مدرسة الفنون الجميلة ” والمدرسة الوطنية للمهندسين” وتوطيد جسور التبادل الثقافي والفني معهم.
ابراهيم فاضل