تفجرت مؤخرا فضيحة مدوية تتعلق بأحد الوجوه المعروفة في المجال الحقوقي بمراكش، بعد أن توصلت النيابة العامة بشكاية تتهم رئيس جمعية معروفة بالدفاع عن حقوق الإنسان بالتورط في سلسلة من الجرائم المالية والإدارية، تشمل استغلال النفوذ، الابتزاز، التزوير، النصب، وغسل الأموال.
تعود بداية القصة إلى سنة 2012 حين حل المعني بالأمر بمدينة مراكش قادما من منطقة فقيرة لتبدأ بعدها فصول تحوله إلى شخصية مثيرة للجدل تعيش حياة الثراء الفاحش دون مصدر دخل معروف. وأصبح يتردد على أفخم فنادق المدينة، ويقود سيارة رباعية الدفع ويسافر شهريا إلى أوروبا، فيما يتابع ابنه دراسته في جامعة خاصة مرموقة بتكلفة مالية تقارب نصف مليون درهم.
وأخطر ما جاء في شكاية الجمعية المغربية للنزاهة ومحاربة الفساد، تتوفر “كِشـTV” على نسخة منها، يتمثل في معطيات تشير إلى تشييد فيلا فاخرة على عقار حبوسي (وقف)، تم استغلاله من طرف زوجة المعني بالأمر بموجب عقد كراء رمزي لا يتجاوز 10,000 درهم سنويا. وقد تم الحصول على ترخيص لبناء اصطبل وسكن للحارس، غير أن الواقع يشير إلى فيلا فاخرة مخالفة تماما للتصاميم المعتمدة مع حفر بئر بعمق 140 مترا دون ترخيص.
ومن جهة أخرى، تشير الوثائق المصاحبة للشكاية إلى وجود تحويلات مالية كبيرة بحسابات بنكية دون وجود أي نشاط مهني واضح، إضافة إلى استفادة الأسرة من دعم مالي يفوق 400 ألف درهم من المركز الجهوي للاستثمار، في ظروف يصفها مقدمو الشكاية بـ”غير المفهومة”.
من بين أخطر التهم التي تضمنتها الشكاية، تلك المتعلقة بابتزاز رجال أعمال ومنتخبين ومسؤولين من خلال تقديم شكايات إعلامية وتنظيم وقفات احتجاجية مدروسة ثم الدخول في مفاوضات للحصول على مكاسب مقابل السكوت أو التراجع عن المطالبة بفتح تحقيقات.
وبحسب ذات الشكاية، يوثق أحد التسجيلات الصوتية المرفقة بالملف، مكالمة يدعي فيها المتحدث قدرته على التدخل لدى وزارات ومؤسسات حساسة لتسوية وضعية عقارية مقابل مبلغ مالي، قبل أن يتوارى عن الأنظار بعد حصوله على تسبيق مهم، حسب إفادة أحد المتضررين.
وتطالب الشكاية الموجهة للنيابة العامة بفتح تحقيق مالي شامل، يشمل طريقة الحصول على العقار الوقفي، وظروف تحويله إلى فيلا ومصدر الأموال المستعملة في البناء، إلى جانب التدقيق في الحسابات البنكية للأطراف المعنية، والتحقق من صحة المعطيات المتداولة حول نمط الحياة الفاخر.
كما دعت الشكاية إلى توفير حماية قانونية لشهود محتملين يخشون على سلامتهم من أي انتقام، خاصة وأن المشتبه فيه يروج أنه يتمتع بعلاقات واسعة ونفوذ داخل مؤسسات الدولة.
هذه القضية، التي لم يحسم فيها بعد قضائيا، تعيد إلى الواجهة الجدل حول “تسييس العمل الحقوقي” واستخدامه كوسيلة للضغط والابتزاز بدل الدفاع عن المبادئ والقيم. فحين يتحول الفاعل الحقوقي إلى “سلطة موازية” خارج القانون، فإن الثقة في مؤسسات المجتمع المدني تهتز، ويصبح لزاما على الجهات القضائية التدخل بحزم وشفافية.
يبقى الرهان اليوم معلقا على نتائج التحقيق الرسمي الذي من المنتظر أن يكشف عن خيوط واحدة من أكثر القضايا حساسية وتعقيدا في مدينة مراكش.
اكتشاف المزيد من كِشـ تيفي - Kech TV
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.