في ظل معطيات مثيرة للجدل، تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام بشكاية رسمية إلى النيابة العامة _تتوفر الجريدة على نسخة منها_ تطالب فيها بفتح تحقيق شامل حول شبهات تبديد أموال عمومية واختلاس داخل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. الشكاية تستند إلى ما نشرته جريدة “الأخبار” بتاريخ 12 نونبر 2024، حيث أشار التقرير إلى وجود اختلالات مالية وإدارية خطيرة في تسيير الوزارة.
وفقاً للمعلومات الواردة في التقرير، ألغى الوزير الجديد، عز الدين ميداوي، عقداً بقيمة 62 مليون سنتيم سنوياً مع فندق فاخر في الرباط، كان يوفر وجبات غذائية لثمانية أشخاص، بينهم من لا تربطهم علاقة بالوزارة. كما كشف عن اختفاء 21 هاتفاً محمولاً من النوع الفاخر، و16 لوحة إلكترونية، و60 بطاقة للتزود بالمحروقات بعد عملية تسليم السلط بينه وبين الوزير السابق، عبد اللطيف ميراوي.
هذه المعطيات أثارت تساؤلات كبيرة حول كيفية تدبير المال العام في الوزارة، ومنها: دواعي إبرام عقد بهذا الحجم مع فندق فاخر، ومدى احترام شروط الشفافية والمنافسة في هذا التعاقد، بالإضافة إلى تحديد هوية المستفيدين من هذه النفقات وطبيعة علاقتهم بالوزارة.
إلى جانب ذلك، دعا الوزير الجديد إلى مراجعة أوجه صرف أموال الدعم المقدمة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) للوزارة، والتي تبلغ قيمتها حوالي 4 مليارات سنتيم سنوياً. هذه الأموال، التي يفترض أن تساهم في تطوير قطاع التعليم العالي، أثارت الشكوك حول مدى استخدامها لتحقيق الغايات التي رصدت لها.
الجمعية المغربية لحماية المال العام التي يترأسها محمد الغلوسي طالبت في شكايتها بالقيام بتحقيق شامل يشمل الاطلاع على الوثائق المتعلقة بهذه النفقات، والاستماع لإفادات الوزير السابق، والتحقيق مع الممثل القانوني للفندق، ومع كل شخص استفاد من الأجهزة والبطاقات المفقودة. كما شددت على ضرورة اتخاذ التدابير القانونية المناسبة، مثل سحب جوازات السفر وإغلاق الحدود في حق كل من يثبت تورطه.
هذه القضية تسلط الضوء على أهمية تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتدعو إلى تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في تدبير المال العام. الجمعية أكدت أن حماية المال العام مسؤولية جماعية، مطالبة بمحاسبة المتورطين في أي اختلالات حفاظاً على مصالح الوطن والمواطنين.