شهدت الجلسة الأولى لدورة فبراير 2025 لمجلس جماعة تسلطانت، التي عقدت يوم الخميس 6 فبراير، أجواءً ساخنة ومشحونة بالتوتر، بعد إسقاط مشروع برنامج عمل الجماعة للفترة 2022-2027. وجاء التصويت بأغلبية ساحقة ضد البرنامج، حيث صوت 20 عضواً ضد المشروع مقابل 6 أعضاء فقط أيدوه. ولم يكن الخلاف مقتصراً على مضمون البرنامج، بل امتد ليشمل أسلوب إدارته ومناقشته، مما أدى إلى احتجاجات حادة داخل القاعة.
تصدرت قضية إقصاء المستشارين وحرمانهم من حق التدخل خلال مرحلة الإحاطة المشهد، حيث اتهم المعارضون رئيسة المجلس بخرق مبدأي التشاركية وشفافية التدبير. وأكدوا أن فرض البرنامج دون نقاش موسع يعكس نهجاً انفرادياً في التسيير، مشيرين إلى أن المشروع أُعد عبر مكتب دراسات دون إشراك الأعضاء، مما اعتبروه إقصاءً ممنهجاً للرأي الآخر.
وقال أحد المستشارين المعارضين: “كيف يُفرض برنامج عمل بهذه الأهمية دون مناقشة مسبقة مع أعضاء المجلس؟ هذا ليس فقط إقصاءً لنا، بل هو إهدار لمبدأ الديمقراطية المحلية التي يفترض أن نتمثلها”.
ولم تتوقف الانتقادات عند أسلوب إعداد البرنامج، بل طالت مضمونه أيضاً، حيث وصفه المعارضون بأنه “كوبي كولي” لمشاريع جاهزة وغير ملائمة لاحتياجات الجماعة، دون إجراء دراسة ميدانية كافية. كما أثاروا قضية صرف مبلغ 196.000 درهم لمكتب الدراسات قبل التصويت والمصادقة على البرنامج، معتبرين ذلك خرقاً قانونياً قد يندرج ضمن شبهة تبديد المال العام.
وأضاف مستشار آخر: “كيف ننفق مبالغ طائلة على دراسات غير مجدية، بينما تعاني الجماعة من مشاكل تنموية حقيقية؟ هذا إهدار للموارد العامة، ويجب التحقيق في هذه الصفقة”.
تصاعدت حدة الاحتقان بعد تذكير المستشارين برسالة سابقة لوالي الجهة، التي شددت على ضرورة عقد لقاءات مباشرة مع كل عضو وتوثيق مقترحاتهم في محاضر رسمية. إلا أن هذه التوجيهات لم تُحترم، مما زاد من حالة الاستياء بين الأعضاء.
ويأتي هذا التصعيد في ظل أزمة سياسية خانقة داخل المجلس، حيث فشل في الدورة الماضية في تمرير ميزانية السنة المالية 2025، مما أدى إلى تعثر المشاريع التنموية في هذه الجماعة، التي تُعتبر الأغنى في الجهة. وأعرب العديد من المستشارين عن قلقهم من استمرار الجمود السياسي، محذرين من تداعياته السلبية على التنمية المحلية وعلاقة المجلس مع الساكنة.
من المتوقع أن تشهد الجلسة الثانية، المقرر عقدها يوم 19 فبراير 2025، نقاشاً حاداً حول اتفاقيات الشراكة بين الجماعة والجمعيات الرياضية، بالإضافة إلى برمجة الفائض الحقيقي لسنة 2024. وفي ظل استمرار حالة الجمود السياسي، تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل والي الجهة لإنقاذ الجماعة من حالة الشلل التي تهدد بتجميد التنمية المحلية وتعميق الأزمة بين المجلس والساكنة
في خضم هذه الأزمة، يطالب العديد من الفاعلين المحليين والمواطنين بتدخل سريع من والي الجهة لإنقاذ الوضع، خاصة مع تزايد المخاوف من تأثير هذا الشلل على مستقبل التنمية في الجماعة. وقال أحد النشطاء: “لا يمكن أن نستمر في هذا الجمود الذي يهدد مستقبل منطقتنا. نحتاج إلى حلول عاجلة وشفافية في التسيير لاستعادة ثقة المواطنين”.