أصبح الشاب المراكشي، بائع السمك، رمزاً للصراع الخفي بين المواطن البسيط وشبكة مصالح اقتصادية تتحكم في أسعار المواد الأساسية، بعد أن أثار بيعه السمك بـ5 دراهم للكيلوغرام موجة غضب عارمة على منصات التواصل الاجتماعي، وكشف عن فجوة سعرية هائلة بين ما يدفعه الصيادون والمستهلكون، وسط صمت حكومي مريب.
بحسب وثائق متداولة، تشتري فئة تُعرف محلياً باسم “الشناقة”، الأسماك مباشرة من الصيادين بسعر زهيد لا يتجاوز 3.50 دراهم للكيلوغرام، لتبيعها لاحقاً لتجار الجملة والموزعين بأسعار تصل إلى 15 درهماً، قبل أن تصل إلى المستهلك النهائي بـ20-25 درهماً. هذه الهوامش غير المبررة تُظهر احتكاراً واضحاً للسوق مع غياب المراقبة، مما يؤدي ل “التجويع المنظم” للمواطن.
ومن الملاحظ أن الشاب المراكشي قرر كسر هذه الحلقة ببيع السمك مباشرة للمواطنين بسعر 5 دراهم، مُتحدياً بذلك النظام القائم. لكن خطوته الجريئة اصطدمت بجدار سميك، حيث اندلعت مشاجرة مع كبار الوسطاء بسوق السمك بالدار البيضاء، وفق شهود عيان، انتهت باحتجازه في مركز شرطة الحي الحسني، فيما تم اخلاء سبيله بعد التحقيق معه.
هذا، وتتزايد التساؤلات حول دور الحكومة في مراقبة الأسواق، خاصة بعد تقاعس “اللجان الجهوية لمراقبة الأسعار” عن محاسبة المتلاعبين. كما أشارت مصادر مطلعة إلى أن بعض هذه اللجان تتعامل انتقائياً، حيث تُغض الطرف عن مخالفات كبار الوسطاء مقابل امتيازات.