شيشاوة تحتضن يوماً دراسياً حول التدبير المالي والمحاسباتي للجماعات الترابية

الحبيب بوكعيبة
في سياق دعم الحكامة المحلية وتجويد آليات التدبير الترابي، احتضنت مدينة شيشاوة، صباح يوم الأربعاء 30 أبريل، يوماً دراسياً علمياً حول “مستجدات التدبير المالي والمحاسباتي للجماعات الترابية”، وذلك تحت إشراف عامل صاحب الجلالة على إقليم شيشاوة، وبشراكة بين عمالة الإقليم والمجلس الإقليمي لشيشاوة وجماعة شيشاوة، وبتنظيم من مركز بدائل للدراسات الإنسانية والأدبية والقانونية، وذلك بحضور عدد من رؤساء الجماعات الترابية يتقدمهم السعيد المهاجري النائب الخامس لرئيس جهة مراكش اسفي ورشيد أكودار كاتب مجلس الجهة وأحمد الهلال رئيس جماعة شيشاوة، الى جانب موظفي الجماعات الترابية وفاعلين من المجتمع المدني.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد أحمد الهلال، رئيس جماعة شيشاوة، أن هذا اليوم الدراسي يشكل لبنة أولى في مسار لقاءات تكوينية مماثلة، يرتقب تنظيمها مستقبلاً بمختلف جماعات الإقليم، بهدف ترسيخ ثقافة التكوين المستمر وتقاسم الخبرات من طرف مركز بدائل للدراسات الذي يتمتع بكفاءات علمية وشبكة خبرات، مضيفا: “لقد أخذنا على عاتقنا هذه المبادرة، ونتطلع إلى أن يواصلها زملاؤنا رؤساء الجماعات، لأن الهدف يتجاوز البعد المعرفي النظري ليصب في صلب ما نصبو إليه جميعاً: الارتقاء بنجاعة الأداء الجماعي، وتحقيق الفعالية في تدبير الشأن المالي وفق معايير الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.”وشدد الهلال على أن التكوين المستمر في مجال التدبير المالي يعد رافعة أساسية لبناء نموذج مرجعي جهوي قادر على مواجهة التحديات المتزايدة، واقتراح حلول عملية وفعالة للإكراهات التي تواجه الجماعات الترابية على المستوى اليومي.

عقب ذلك، قدم الدكتور توفيق عطيفي، الباحث في السياسات العمومية، مداخلة تأطيرية وُصفت بالغنية، تناول فيها تحول موقع الجماعات الترابية في النسق السياسي المغربي، مبرزاً في ثلاث محاور كيف أصبحت هذه الجماعات تشكل اليوم بفضل المكتسبات امتداداً مؤسساتياً وسياسياً للدولة داخل النسيج المجتمعي، عبر تجسيد السياسات العمومية وتعزيز الاستقرار المؤسسي. وكذا درعاً مركزياً لتدخلات الدولة، بفضل تأطيرها القانوني المتقدم ضمن القوانين التنظيمية التي تمنحها صلاحيات تدبيرية واستباقية مهمة ورافعة لشرعية الدولة الحديثة، من خلال ما سماه بـ”شرعية الإنجاز”، أي القدرة على تحقيق نتائج ملموسة في حياة المواطنين.

وأكد عطيفي أن الجماعات الترابية لم تعد فقط أدوات لتقديم “خدمات القرب”، بل تحوّلت إلى مرتكزات لبناء الثقة وتعزيز مشروع الدولة المجتمعي، وقناة ترابية لإنفاذ الدولة لبرامجها الرامية الى تعزيز العدالة المجالية ومعالجة مظاهر الهشاشة.
من جانبه، ركز الدكتور السالمي السايح، الخازن الإقليمي لشيشاوة، على الرهانات المالية والتدبيرية التي تواجه الجماعات، مؤكداً أن النجاح لا يتحقق إلا بوجود مؤسسات قوية وقدرات مهنية عالية. واستعرض تحولات المغرب في مجال الطاقة كمثال على نجاح الرؤية الاستراتيجية، لافتاً إلى أن المغرب أصبح قادراً على تأمين جزء مهم من حاجيات دول مجاورة.
وتوقف عند عدد من المؤشرات، منها أن الجماعات الترابية تمثل 8% من الميزانية العامة، وحققت ما نسبته 80% من القدرة الإنجازية على المستوى الوطني خلال 2024. غير أنه نبّه إلى مخاطر “تحميد الأموال” والاكتناز دون استثمار، معتبراً أن ذلك يُعد أكبر عدو للنجاح في التدبير المالي.

كما دعا السايح إلى اعتماد آليات الشراكة مع القطاع الخاص، وتفعيل قانون الأملاك الجماعية، والابتكار المالي، مع ضرورة صياغة برامج عمل ذات رؤية واضحة، باعتبار أن 70% من النجاح في التدبير نابع من وضوح الرؤية، مقابل 30% للجانب التنفيذي.
وقد توج هذا اللقاء بعدد من التوصيات الهامة، أبرزها:
• فتح ورش التكوين المستمر للموظفين وفق أطر مرجعية قانونية.
• تأهيل المنتخبين في مجالات إعداد البرامج وتدبير المرافق الجماعية.
• تثمين الأصول المادية للجماعات كوسيلة لتمويل ذاتي مستدام.
• التفكير في تقوية التعاون بين الجماعات لتحقيق الالتقائية.
• إشراك القطاع الخاص في تنزيل برامج العمل الجماعي.
• تفعيل الإمكانات التشريعية المرتبطة بالابتكار المالي.
• تمكين الجماعات من آليات التمويل المالي البديل.
• خلق فضاءات دائمة للنقاش والتنسيق بين الجماعات والإدارات.
وفي ختام اللقاء، تلا أحمد الهلال، رئيس جماعة شيشاوة نص برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى السدة العالية بالله، جلالة الملك محمد السادس نصره الله، باسم جميع المشاركين، تأكيداً على الوفاء للثوابت الوطنية والتعبئة الدائمة خلف الرؤية الملكية السامية في مجال التنمية الترابية.