بالنسبة لحسن بنسعود، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان بشيشاوة، لم يكن خطاب العرش الأخير مجرد خطاب بروتوكولي. لقد حمل، في نظره، نبرة غير معتادة من الصراحة والوضوح، خصوصا عندما قال الملك: “لا مكان اليوم ولا غدا لمغرب يسير بسرعتين”. بالنسبة له، كانت تلك إشارة مباشرة إلى واقع تعيشه مناطق بكاملها كل يوم، ومنها شيشاوة.
في نظر بنسعود، المقارنة بين إقليمي شيشاوة وأزيلال كافية لتبيان حجم الهوة بين ما يُقال وما ينجز فعليا. شيشاوة، كما يصفها، ما زالت غارقة في دوامة الهشاشة، بفقر يتجاوز 23%، وأمية تعيق أي أمل في التحول، وخدمات صحية وتعليمية بالكاد تسد الرمق. ومع كل ذلك، لا تكاد مشاريع التنمية تلامس الواقع، لأنها في الغالب تنجز بعقلية مناسباتية أو انتخابية، دون أن تبنى على رؤية واضحة أو تشخيص واقعي لحاجيات الساكنة.
بنبرة يختلط فيها الألم بالمسؤولية، يتحدث بنسعود عن تكرار نفس الأخطاء: غياب التخطيط التشاركي، تسييس المشاريع، تهميش الفاعلين المحليين الحقيقيين، وغياب المحاسبة. وهو يرى في كلام الملك دعوة صريحة إلى القطع مع هذا المسار، والانطلاق من الميدان، لا من المكاتب المكيفة.
في المقابل، يشير بنسعود إلى تجربة أزيلال التي، رغم التهميش الطويل، بدأت تلتقط أنفاسها التنموية، مستفيدة من برامج الدعم، والشراكات الدولية، وتراكمات مؤسساتية. لكنه يستدرك، بأن هذا التحسن لم يمنع الناس هناك من الخروج للاحتجاج، كما وقع في مسيرة آيت بوكماز نحو بني ملال، صيف 2025، حين سار عشرات المواطنين مشيا على الأقدام للمطالبة بأساسيات العيش الكريم.
بالنسبة لبنسعود، فإن الفارق بين الإقليمين لا يتعلق فقط بالإمكانات، بل بنوعية التدبير، ومدى الإنصات للناس، والانخراط الجاد في مشاريع ذات أثر ملموس. وهو يعتبر أن الخطاب الملكي لم يترك مجالا للغموض: لا معنى لأي تقدم اقتصادي إذا لم ينعكس على حياة المواطن في جبال شيشاوة، وفي دواوير أزيلال، وفي كل بقعة من هذا الوطن.
ويختم بنسعود رأيه بدعوة صريحة: الإنصاف لم يعد ترفا، بل صار شرطا للاستقرار، وللثقة، ولنجاح أي نموذج تنموي. المغرب، كما قال الملك، لا يمكن أن يبنى بنصف وطن، أو بنصف كرامة. ولا عدالة بدون إنصاف، ولا إنصاف بدون إنصات.