في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط الحقوقية والسياسية، اختارت الأغلبية الحكومية تمرير المادتين 3 و7 من مشروع المسطرة الجنائية، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة، يقوم على مبادئ النزاهة والاستقامة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويعتبر الفاعل الحقوقي محمد الغلوسي أن هذا التوجه لا يستند إلى مرجعية أخلاقية أو قيم نُبل الممارسة السياسية، التي من المفروض أن توجّه العمل العام نحو التضحية بالمصالح الشخصية لفائدة المصلحة العليا للمجتمع، بل هو محاولة مكشوفة لحماية الزبناء السياسيين وتمتيعهم بحصانة غير معلنة ضد الملاحقات القضائية، لا سيما في ملفات الفساد ونهب المال العام.
ويوضح الغلوسي أن المادة 3 ترسم مسالك في الأدغال لحجب الرؤية عن المتورطين، بينما تمنح المادة 7 الحكومة صلاحية التحكم في تنصيب الجمعيات كطرف مدني في قضايا الفساد، من خلال شرطين تعجيزيين: أولهما، أن تكون الجمعية حاصلة على صفة المنفعة العامة، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا في ظل عدم تسليم حتى وصولات الإيداع القانونية. وثانيهما، ضرورة الحصول على إذن من وزير العدل، أي من الحكومة ذاتها، التي تملك سلطة إصدار النص التنظيمي في الوقت والصيغة التي تريد، أو عدم إصداره مطلقا.
ويصف الغلوسي هذا الإجراء بالشيك على بياض، معتبرا أنه لا علاقة له بالحد من الشكايات الكيدية كما تروج له الجهات الرسمية، بل هو محاولة ممنهجة لتشريع الفساد والإثراء غير المشروع وتوفير الحماية القانونية للمقربين من دوائر السلطة.
ويرى متتبعون أن هذا المسار ينذر بخطر حقيقي يتمثل في إرساء قواعد لدولة داخل الدولة، حيث تتقوى شبكات النفوذ والإفلات من العقاب على حساب العدالة وحقوق المواطنين.
اكتشاف المزيد من كِشـ تيفي - Kech TV
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.