بعد أكثر من أربعة أشهر من الصمت والتجاهل لمراسلاتهم الموجهة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر اللجنة الجهوية بمراكش أو عبر البريد المضمون، خرج المجلس ببلاغ يحمل في طياته “الكثير من المغالطات”، وفقًا لتصريحات لجنة المتابعة للمعتقلين السياسيين مجموعة مراكش يناير 1984. جاء هذا البلاغ في اليوم التالي لوقفة احتجاجية نظمها الضحايا أمام مقر اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بمراكش يوم 31 يناير 2025، مما أثار تساؤلات حول جدية التعامل مع مطالبهم.
وفي محاولة لتوضيح موقفهم وتبديد أي التباس، قدمت لجنة المتابعة توضيحات مفصلة حول قضيتهم ومطالبهم، مؤكدة أن إدماجهم في الوظيفة العمومية جاء نتيجة نضال طويل بدأ منذ عام 2001، توج بقرار من رئيس الحكومة السابق إدريس جطو في يناير 2003. ومع ذلك، يشير الضحايا إلى أن هذا الإدماج لم يأخذ في الاعتبار “الفرص المفوتة والسنوات الضائعة” نتيجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعرضوا لها، والتي أثرت بشكل كبير على حياتهم المهنية والاجتماعية.
أوضحت اللجنة أن إدماجهم في الوظيفة العمومية تم في سن متقدمة، حيث تجاوز بعضهم الأربعين أو قارب الخمسين، دون أي اعتبار لسنوات الاعتقال وظروفها القاسية التي حرمتهم من استكمال مسارهم الدراسي بشكل طبيعي. وأشارت إلى أن هذا الإدماج المتأخر يفرغ عملية جبر الأضرار من أي مضمون حقيقي، خاصة مع تقاعد بعض الضحايا بأجور لا تتجاوز 900 أو 1200 درهم شهريًا، وهو ما وصفوه بـ”أجور الموت السريع”.
طالبت اللجنة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالتدخل لتصحيح أوضاعهم، مؤكدة أن الإدماج الاجتماعي الذي حصلوا عليه هو ثمرة لنضالهم الطويل وليس نتيجة لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. كما أشارت إلى أن التجارب العالمية في مجال العدالة الانتقالية تعتمد على معايير “ما كانت ستكون وضعية الضحية لو لم يتعرض للانتهاك الجسيم”، وهو ما لم يتم تطبيقه في حالتهم.
وردًا على ما أسمته بـ”التقاعد التكميلي”، أوضحت اللجنة أن هذا الإجراء لم يشمل سوى اثنين من الضحايا، وأن نتائجه لا ترقى إلى مستوى تطلعاتهم. وأكدت أنهم لا يطالبون بـ”تلطيف” صعوبة أوضاعهم، بل بحقهم الثابت في الحياة الكريمة، خاصة بعد مرور أكثر من عقدين على معاناتهم مع الصعوبات الاجتماعية الناتجة عن إدماج اجتماعي ناقص.
في ختام بيانهم، عبرت اللجنة عن أملها في أن يتفاعل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بنفس السرعة التي تفاعل بها مع وقفتهم الاحتجاجية، داعية إلى معالجة عادلة ومنصفة لوضعية تقاعدهم استنادًا إلى حقهم الثابت في الحياة الكريمة. وأكدت استعدادها للترافع والدفاع عن حقوقهم بكل الأشكال المشروعة من أجل تحقيق حل عادل يتماشى مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان.